احمدالزكري
حين غاب علي عبدالله صالح ورؤساء الحكومة والبرلمان والشورى أكثر من شهرين
عن البلد بعيد حادثة دار الرئاسة في الثالث من يونيو الفائت، لم أجد من يتحدث عن
أهمية وجود رئيس، بقدر ما كانت المطالبات بعدم عودة المغادرين إلى الأبد.
وخلافا لذلك كان حديث اليمنيين بمختلف مستوياتهم ومواقعهم عن عمال النظافة
متصدرا كل الاهتمامات السياسية والاقتصادية بمجرد توقف هؤلاء العمال أسبوعين عن
العمل.
كانت البلد ماضية كعادتها دون الحاجة إلى رئيس، ليس لأن العائلة الكريمة
قامت بالواجب في غياب رئيسها ورؤساء آخرين من عامليه، كما روج لذلك بقايا النظام
الأسري الاستبدادي طوال أشهر، بل لأننا لم نكن في الأساس ضمن سياق دولة حقيقية
يمكن أن تظهر على مواطنيها آثار غياب سلطاتها، وبالتالي كانت الأمور تسير هكذا
كعادتها دون ماء كاف أو كهرباء مستمرة أو نفط متوفر.
والأكثر من ذلك أن الرئاسة بتلك الصورة المقيتة لم تجلب لليمن واليمنيين
سوى الكوارث والذل والفقر وحولت مئات الآلاف منهم إلى متسولين في بلدان عدة وبمستويات
متعددة، الأمر الذي انتهى إلى ثورة لاتزال مستمرة لتحقيق كافة أهدافها.
لكن غياب عمال النظافة جعلهم موضع اهتمام كبير من قبل الجميع، حين ظهرت
آثار غيابهم بتكدس المخلفات في كافة الشوارع والأحياء.
ولم يؤد غياب عمال النظافة إلى السؤال عنهم فقط، وعن أسباب توقفهم عن عملهم،
بل أدى إلى تضامن المجتمع مع مطالبهم البسيطة، وإن لم يكن تضامنا منظما، كما يحدث
مع قضايا أخرى.
من هذا الحدث يمكن القول إن اليمن لا تحتاج إلى رؤساء ينهبون ثرواتهم،
ويبيعون مستقبلهم، ويقتلونهم بديكتاتوريتهم، وبمخلفات عائلاتهم التي ظنوا أنها
ستبقى متكدسة إلى الأبد في مختلف المؤسسات.
اليمن بحاجة إلى رؤساء بأهمية عمال النظافة، يقدمون للمجتمع شيئا إيجابيا
ملموسا، يمكن معه البحث عنهم إذا غابوا، والسؤال عنهم إذا توقفوا عن عملهم لأيام، والتضامن
معهم إذا أعلنوا عن حاجة للتضامن، تماما كما حدث مع عمال النظافة الذين يحتاجون
إلى تقدير وإلى حقوق بقدر خدمتهم للمجتمع.
ورؤساء كهؤلاء ستأتي بهم ثورة سلمية عظيمة تمضي إلى غايتها بروح وثابة هي
روح شعب حر، لا يقبل مخلفات متكدسة منذ سنين.
aalzekry@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق