احمدالزكري
لم يفلح القمع الرسمي وكذا استخدام البلاطجة في إخماد مظاهرات طلاب جامعة صنعاء وناشطين حقوقيين، بل زادها تأجيجا وأكسبها استمرارا، تماما كما هو الحال في حركة الاحتجاج السلمي في المحافظات الجنوبية منذ أيامها الأولى قبل أكثر من ثلاث سنوات.
وإذا كانت صنعاء شهدت بدء هبة طلاب جامعتها مع ناشطين حقوقيين للمطالبة برحيل الحاكم المستبد، فإن هبة المشترك التي عمت المحافظات رفضا لتعديلات الدستور المؤتمرية الهادفة إلى تأبيد رئيسه بدأت تشكل خارطة احتجاج واسعة لابد أن تؤتي ثمارها ذات نصر.
وقد لاقت هذه الاحتجاجات تجاوبا من قطاعات عديدة أهمها العاطلين عن العمل الذين تزدحم بهم الجولات والأرصفة وفي مقدمتهم خريجو جامعات حكومية وخاصة يتزايد عددهم سنويا دون أن يجدوا عملا في القطاعين العام والخاص، ويشكلون بذلك وقودا لثورة تقود إلى يمن الغد.
وقد بدا هذا التأثير في انضمام قطاعات عديدة للاحتجاجات، وفي دعوة مواطنين إلى توسيع رقعتها في مناطق ذات تأثير منها ساحة جامع الصالح حسب فكرة (العم طه ثابت)، وهي فكرة برزت بعد نصب الحاكم خياما في كامل ساحات التحرير في العاصمة صنعاء لإعاقة مهرجان جماهيري أعلنت أحزاب المشترك عن تنظيمه يوم الخميس الثالث من فبراير2011.
الجامع حسب (عمي طه) واسع وقريب من دار الفخامة لهذا يرى أن يعتصم فيه المواطنون ويرفضون مغادرته قبل تنفيذ مطالبهم التي سيتفقون عليها لمعالجة أزمتهم التي يعيشونها بمختلف مظاهرها وفي المقدمة منها افتقارهم إلى لقمة العيش وإلى الأمن والاستقرار في حياتهم.
تبدو فكرة (العم طه رمضان) وجيهة وعملية وستحدث تأثيرا كبيرا، فعلاوة على سعة مساحة الجامع سيبدو الاعتصام فيه سلميا بامتياز كون أجهزة الأمن ستحرص على عدم اختراقه بالبلاطجة الذين يعلنون عن فداء(علي) بأرواح ودماء المحتجين سلميا.
كما أن أجهزة الأمن ستحرص بشدة على عدم مواجهة الاعتصام بالغازات والرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع ، ليس حرصا على المعتصمين أو تعبيرا عن ديمقراطية يتمتعون بها، بل حرص على فخامته القريب من المكان وحرص كذلك على جامع مبني على حساب حاجات المواطنين وقوتهم اليومي لتخليد اسم لم تقصر معارك مستمرة منذ 33 سنة في تخليده رمزا للاستبداد.
إن تنفيذ فكرة الاعتصام في ساحة جامع الصالح ستوصل رسالة قوية عن جوع وضنك شعب لم يعد يحتمل مزيدا من القهر والتشرد من أجل بقاء السيد الرئيس ملكا أبديا، كما سيساهم الاعتصام في توسيع دائرة الاحتجاجات في أماكن عديدة منها ميدان السبعين ليغدو بدلالة اسمه منطلقا لثورة شعبية ضد الاستبداد والتوريث، وليصبح اسم الجامع لحظتها جامع الشعب بدلا من جامع الفرد.
العاطلون عن العمل يملأون الجولات والأرصفة وهم بذلك في اعتصام دائم، ولا يحتاج الأمر إلى أكثر من توجيه اعتصامهم وجهته الإيجابية وتبني مطالبهم التي تبدأ بتوفير عمل لهم بأجر يمكنهم من حياة تليق بأدميتهم، وذلك ما ينبغي أن تقوم به أحزاب المعارضة، بدلا من تركهم عرضة للإهانة من قبل السلطة التي نقلتهم الخميس الفائت في العاصمة صنعاء قسرا إلى معسكرات بمبرر وجود عمل لهم، ثم رمتهم في العراء بعد أن ضمنت عدم مشاركتهم في مهرجانات المشترك.
إن الاستمرار في الاحتجاجات الشعبية بمشاركة أحزاب المعارضة سيساهم في توحيد مختلف الاحتجاجات في كل اليمن وذلك من وجهة نظري هو الطريق إلى وطن لكل مواطنيه بدلا عن ضيعة تعبث بها أسرة ومن دار في فلكها من الناهبين.
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق