Powered By Blogger

الخميس، 10 فبراير 2011

فرصة أخيرة للرئيس علي عبدالله صالح

احمدالزكري
الأخ علي عبدالله صالح.. رئيس الجمهورية
أوجه إليك هذه الرسالة باعتباري مواطنا يكفل له نص المادة (42)من دستور الجمهورية اليمنية حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير.
الأخ الرئيس
لقد تربعت على عرش السلطة في الجمهورية العربية اليمنية في فترة تاريخية كانت القوة هي سيد الموقف، هي الوسيلة الأسرع والأقدر على الوصول إلى السلطة والإمساك بزمامها.
وقد استطعت بالاعتماد على المؤسسة العسكرية والأمنية أن تظل في الحكم إلى يومنا هذا الذي يبدو واضحا أنه لم يعد شبيها بالأمس من حيث قدرة الجيش والأمن على فرض استمرار الحكم ذاته أكثر من33 عاما.
وهذا التغيير الحتمي الذي يقوده مستقبل اليمن هو ما دفعني إلى كتابة هذه الرسالة لأدعوك إلى اغتنام فرصة تاريخية بدت في دعوتك التي وجهتها من مجلس النواب يوم 2 فبراير2011 إلى أحزاب المعارضة المنضوية في تكتل اللقاء المشترك للعودة إلى الحوار لإخراج البلد من أزماته.
إنها فعلا فرصة تاريخية لن تجدها مرة أخرى في ظل تسارع خطوات ثورة شعبية مقبلة، تسير على خطى تونس التي لفظت الديكتاتور زين العابدين بن علي الذي ينتظر حاليا لحظات محاكمته.
لهذا أجدني ألح عليك بإنجاز خطوة تمنحك رصيدا إيجابيا وخاتمة حسنة لحكمك وتتمثل هذه الخطوة بتجسيد دعوتك واقعيا بأن تطرح على طاولة الحوار تعديلات دستورية تحد من سلطاتك المطلقة وبالمقام الأول النصوص التي تمنحك حق قيادة مؤسسة الجيش والأمن والتدخل في سلطة القضاء.
لقد أعلنت في دعوتك عن عدم الترشح مجددا لرئاسة الجمهورية، وعدم توريث السلطة لنجلك. وتجسيد هذه الدعوة يكمن في عزل كافة أفراد أسرتك من قيادة الجيش والأمن بمختلف مكوناته وتسليمها لكفاءات لا تحول دونها الانتماءات أيا كانت، بدلا من استمرارك في إنشاء ألوية جديدة لمن تبقى من صغار أسرتك، وتهديد الشعب بها كلما برزت المطالب بالتغيير، كما حدث مؤخرا لدى زيارتك اللواء الثالث مشاة جبلي، بعد دعوتك أحزاب اللقاء المشترك للحوار.
إن عزل أفراد أسرتك من قيادة الجيش والأجهزة الأمنية  بدا مطلبا شعبيا في احتجاجات شبابية عديدة، كما برز في المهرجانات التي نظمتها أحزاب اللقاء المشترك في المحافظات، وذلك وحده كاف إلى تحويل هذا الطلب إلى برنامج عمل للمطالبين به بهدف تحقيقه في الأيام المقبلة إذا لم تبادر أنت إلى تحقيقه.
إن هذه الخطوات ستؤكد صدق وجدية السير قدما في الحوار مع أحزاب اللقاء المشترك تمهيدا لحوار وطني شامل مع مختلف القوى يمضي نحو دولة يمنية حقيقية بخطوات واقعية لا تلتفت إلى دعوات من يحببون إليك رفض الشراكة الوطنية ويعتبرونها هزيمة بحقك، ويزينون لك الهجوم على الشعب ومغالطته بخطب مكررة وتهديدات لم تنفع زميلك زين العابدين بن علي، وبدا أنها لن تنفع أيضا الزميل الآخر حسني مبارك في مصر. 
أذكرك ياسيادة الرئيس أنك خضت حروبا عديدة منذ صعودك إلى سدة الحكم، آخرها حرب صعدة التي دمرت الحرث والنسل منذ اندلاعها عام 2004 ، وهي حرب لم ينته أوارها حتى الآن رغم مشاركة الشقيقة السعودية فيها، لتغدو دليلا كافيا يؤكد لك أن الجيش لم يعد هو الوسيلة الأسرع والأقوى والأقدر على البقاء في السلطة والإمساك بزمامها كما كان ذلك منذ عام 1978.
وقد لاقى اليمنيون في عهدك ذلا لم يعشه أجدادهم، وصار القتل والنهب والاختطاف وهتك الأعراض علامة يمنية بامتياز، غدا المواطن في ظلها غير آمن على نفسه ولا على أسرته ولا على أملاكه من بلاطجة يقترفون جرائمهم في وضح النهار، كما حدث مؤخرا في محافظة إب من قتل لمواطن في الشارع وما حدث للدرويش الذي مات تعذيبا في سجن في محافظة عدن وهذا مجرد مثال لجرائم عديدة  في أكثر من مكان.
لقد مرت سنين عجاف على اليمنيين في عهدك عجزوا عن الحصول على لقمة يسدون بها رمقهم، وحبة دواء تخفف عنهم آلامهم، ورصيف يريحون فيه تشردهم، في الوقت التي يعبث أفراد أسرتك ومن دار في فلك حكمك بثروات بلادهم ومقدراتها، ومن أراد أن يسترد حقه من هؤلاء المظلومين لا يجد أمامه سوى القتل والتشريد والتنكيل كما يحدث اليوم في ردفان رمز ثورة 14 أكتوبر المجيدة وفي مختلف المحافظات، وأحدث جريمة في هذا السياق تعذيب مواطنين شاركوا الخميس الفائت في مهرجان المشترك الذي تحدثت وسائل إعلام عن صعودك بالمروحية لمشاهدته في العاصمة صنعاء، وقد تسبب التعذيب في حدوث اختلال عقلي لأحد الضحايا الذين اعتقلوا لأنهم طالبوا بحريتهم. 
الأخ الرئيس
إن الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م التي مثلت فيها الجمهورية العربية اليمنية ومثل فيها الأخ علي سالم البيض جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كانت أعظم حدث لتخليدكما في التاريخ إلى جانب من ساهموا جميعا في هذا الحدث الفريد لو فكرت يومها بالتنحي عن السلطة وتسليم الراية لجيل جديد يقود اليمن الموحد إلى مستقبل مزدهر، لكن حرب 1994 التي قدتها ضد الجنوب وضد الشريك في تحقيق الوحدة وهو الحزب الاشتراكي اليمني أفلتت منك لحظة تاريخية نادرة.
ولقد كان بإمكانك بعد تلك الحرب المشؤومة أن تثبت لليمنيين وللعالم كافة أنك الحريص على الوحدة من خلال السير بها قدما وقد صار الأمر إليك وحيدا، لكنك فوت فرصة تاريخية ثانية بفرضك نظام الجمهورية العربية اليمنية على دولة الوحدة بتغيير دستورها وإبعاد الجنوب كلية من الشراكة الحقيقية في السلطة والثروة ليصبح غنيمة للأسرة الحاكمة كما هو حال الشمال.
إن الفرصة التاريخية الثالثة التي رفضت الذهاب عبرها إلى خاتمة مقبولة لسلطتك تمثلت  بعودتك عن وعدك الذي أعلنته عام 2005 بعدم الترشح لمنصب رئيس الجمهورية بعد إجراء أول انتخابات رئاسية مباشرة عام 1999، إذ كان يمكن ربط حدث كهذا بشخصك بغض النظر عن جدية أو عدم جدية تلك الانتخابات.
الأخ الرئيس
إن حرب صيف 94 ضد الجنوب وحروب صعدة ومواجهة الاحتجاجات الجماهيرية بالقتل خاصة في الجنوب منذ بروز الاحتجاجات عام 2007 للمطالبة باستعادة حق الجنوب في الشراكة الوطنية، وقبل ذلك الحروب التي شهدتها الجمهورية العربية اليمنية قبل عام 1990.. كلها ملفات ستصبح وسيلة مثلى لمواجهتك بها بعد نجاح الثورة الشعبية التي بدت تباشيرها في اليمن بعد نجاح ثورة تونس في إسقاط نظام زين العابدين وقرب انتصار ثورة مصر على نظام حسني مبارك في تعبير واقعي عن عدم قدرة الشعب على احتمال تفرد عصبة بالسلطة والثروة على حسابه مدى الحياة.
وكل هذه الملفات تجعلني ألح عليك باستثمار الفرصة التاريخية التي بدأت من إعلانك في مجلس النواب عن العودة إلى الحوار وإجراء إصلاحات..فابدأ عمليا بما يحقق هذه الدعوة قبل أن يسقط النظام بثورة يستحيل مواجهتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق